فتاوى النساء والثقافة المجتمعية حول المرأة

بقلم
هند مصطفى
تعريب
هند مصطفى

"‏يجوز للمرأة تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء، والسفر دون محرم متى كان آمنا، والطلاق التعسفي بغير سبب حرام وجريمة أخلاقية، ولا وجود لبيت الطاعة في الإسلام، ولا يحق للولي منع تزويج المرأة بكفء ترضاه دون سبب مقبول، وللمرأة أن تحدد لها نصيبا من ثروة زوجها إذا أسهمت في تنميتها." تصريح لشيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب على تويتر. مايو 2021 أثارت هذه التصريحات من رأس المؤسسة الإسلامية الأهم في مصر  كثيرا من الجدل في الاوساط الإعلامية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بصفة خاصة. إذ حسم الشيخ ببساطة وعبر مجموعة من العبارات القصيرة جدا مسائل من أشد المسائل الخلافية في قضية المرأة في العالم الإسلامي ككل. وربما تعكس المفارقة  بين بساطة عبارة الشيخ وبين تعقيدات السجالات الأيديولوجية حول القضايا نفسها،  المفارقة الأكبر بين مقاصد الدين نحو تحقيق قيم العدل والحق والإحسان والمعروف..  وبين التأويلات البشرية "التاريخية" التي تتحكم بها منظومة معقدة من المدخلات والسياقات والمصالح.الباحث في المرجعيات الإسلامية سيجد أصلا لكل فتوى طرحها الشيخ...سواء في النصوص أو في السيرة... فالثابت أن النساء تقلدن بالفعل مناصب الافتاء والقضاء والحسبة وغيرها من مناصب رفيعة في الدولة الإسلامية. ولا يوجد أي نص يدعم فكرة بيت الطاعة والقرآن الكريم ينهي بشكل واضح عن عضل النساء...حتى ما قاله شيخ الازهر عن حق المرأة في مال زوجها الذي شاركت فيه بالكد والسعاية ليست مرجعيته غربية كما قد يظن البعض... بل يجد أصله في الممارسة الإسلامية.والقصة المعروفة أن سيدة كانت تعمل نسَّاجة، وكان زوجها يتاجر فيما تنتجه، ولما مات  تسلم ورثته ماله فطالبت السيدة بحقها، فاختصموا إلى الخليفة عمر بن الخطاب فقضى لها بنصف المال، ثم قضى بتوزيع النصف الآخر على الورثة، مع عدم إسقاط حظّها من الإرث الباقي.. هناك كذلك الفقيه المالكي، القاضي أحمد بن عرضون، الذي أفتى أن للمرأة النصف في مال الزوج إذا وقع طلاق أو وفاة .. ورأى أنه لابد من تقدير الجهد الزائد الذي تبذله المرأة بحيث يترتب لها حقوقا إضافية على ما قرره الشرع لها في الظروف العادية، فتأخذ المرأة نصف الثروة عند الطلاق إضافة إلى أخذها لنصيبها من الإرث من النصف الباقي في حالة وفاة الزوج، واعتبر أن ذلك من مقتضى العدل والإنصاف.. ويدعى هذا في الفقه ب «حق الكد والسعاية» هنا يبرز السؤال .. إذا كانت هذه المسائل موجودة بالفعل ولها أصل ، فلماذا لم يتم العمل بها؟لماذا آلت مسائل تبدو بديهية إلى ساحة الجدل والصراع الفكري والايديولوجي بدلا من أن تكون مسائل محسومة قانونيا ومعمول بها ضمن العرف العامكيف تم تجهيلها؟؟لماذا انحصرت في صورة البديل الذي تم إسقاطه وعدم الأخذ به في صياغة كل من الأعراف والثقافة العامة والقانون؟؟ وسؤال آخر: كيف يطرح شيخ الازهر مسائل بهذه الأهمية دون أن تضطلع المؤسسات المعنية بانتهاز الفرصة وتناولها بالبحث العلمي الرصين والمعمق سعيا لتكوين ثقافة علمية ومن ثم مجتمعية جديدة حول المرأة...